أبو شعيب
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الرد على مشاركة رقم #70
[-- أقول : هل أنت يا أبا شعيب عندما قلت " نتبرأ منهم في كفرهم " كنت تقصد ما داموا لم يتوبوا من كفرهم فالبراءة من أشخاصهم وذواتهم دائمة. ؟
وهل قولك " نكفرهم في شركهم وفي كفرهم " كنت تقصد نحكم عليهم بالكفر والشرك بسبب كفرهم وشركهم ونظل نحكم على أشخاصهم وذواتهم وأعيانهم هذا الحكم حتى يتوبوا من كفرهم وشركهم ؟ --]
انظر أخي الكريم ، هداني الله وإياك ،
يبدو لي أن الخلفية العلمية والتأصيل الشرعي الذي عندي ، يختلف عن الذي عندك .. لذلك عندما أتكلم في مسألة كالولاء والبراء ، أتكلم معك باعتبار أن أصولنا فيها واحدة ، فأبني على ذلك أنك ستفهم كلامي بمجرد تذكيري لك به ، وإذ بي أرى بعدها أننا نختلف كذلك في أصول المسائل ، وهذا ما يدفعك إلى السؤال عنها .
لذلك أرى أن علينا التكلم في جذور هذه المسألة وتصحيحها ، ثم نتكلم عمّا ينبني عليها .
أما جواب سؤالك في الأعلى فهو : نعم .. فهمك لظاهر كلامي صحيح .. ولكن المشكلة ليست في ذلك .. إذ أن المفاهيم التي أطرحها مخالفة لما يقوم في فهمك عند قراءة كلامي ؛ وهذا ما سأوليه اهتماماً في هذه المشاركة ، حتى نأتي على مواضع الخلاف ، بإذن الله .
وستتوضح لك هذه المسألة جلياً بعد ضبط مسألة ترك الصلاة ، فاسمح لي من فضلك .
أنت تقول في مشاركة رقم #67 :
[-- أقول : سبحان الله ! وكيف سيلزمني أن أكَفِّر كل من أخطأ في التكفير ؟
أنا إذا ثبت عندي أن تارك الصلاة كافر ، فسوف أحكم عليه بالكفر وأخرجه من الدين ، وأعامله معاملة الكفار ، ولو كنت حاكماً لحكمت بقتله ردة . ولا يعني ذلك أن أكفر وأبرأ ممن لا يكفره ما دام يستند على دليل شرعي معتبر في ذلك .
أما لو قال : أن تارك الصلاة ثبت عندي كفره وخروجه من الدين ومع هذا سأحكم عليه بالإسلام فهذا يكفر ويخرج من الدين . --]
أقول لك :
يلزمك تكفيره لأنه بحسب كلامك : لا يتبرأ من دينه الذي هو كفر .. فهو على غير دين الإسلام في معتقدك .. ومن يواليه يجب أن يكون مثله في الحكم .. أي : على غير دين الإسلام .
ثانياً :
ترك الصلاة شرك أكبر بنص كتاب الله - سبحانه وتعالى - إذ قال : { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ } [الأنعام : 1]
وقال : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } [الفرقان : 43]
فكل من كفر بالله تعالى وخرج من الدين هو : مشرك ، ويعبد غير الله تعالى .
قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده ، فلا بد أن يكون عابدا لغيره . يعبد غيره فيكون مشركا . وليس في بني آدم قسم ثالث . بل إما موحد ، أو مشرك ، أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل : النصارى ومن أشبههم من الضلال ، المنتسبين إلى الإسلام ) .
وبطبيعة الحال .. لا يُسمى تارك الصلاة عند من يكفره موحداً ولا مؤمناً .. فإذن هو كافر ومشرك .
وبنص حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق تارك الصلاة : (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) .. وقوله في حديث آخر : (( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )) .. وقوله في حديث آخر : (( ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإذا تركها فقد أشرك )) .. وأيضاً : (( بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة فإذا تركها فقد أشرك )) .
وهذه الأحاديث محمولة على الشرك الأكبر عند من يرى كفر تارك الصلاة .
فعليه :
أنا عندي تارك الصلاة كسلاً العالم بوجوبها : كافر مشرك ، يعبد هواه من دون الله ، وهو على غير دين الإسلام .
وعندي أن من يواليه ويحبه : كافر ومشرك ، مثله في الحكم .
ولا يمكن لأحد التفريق بينه وبين المتولي له .. فهما في الحكم سيان .
ولكن ما معنى هذا الحكم ؟
معناه : أن من يحبه لأنه يترك الصلاة .. ويعينه على ترك الصلاة .. ويجعله مسلماً لأنه تارك الصلاة .. فهذا متول له وكافر مثله .
أما من يقول : إن ترك الصلاة ليس من دين الله ، وفلان على ضلال في نطاق هذا الأمر ، وباقي أفعاله من إيمان وتوحيد هي من دين الإسلام ، وهو على الحق فيها .. فهذا لا يكفر ما دام مجتهداً .
هل فهمت معنى كلامي الآن في الولاء والبراء ؟
|